متى يحاكمون الوزير بقلم منتصر الزيات

أثارت حادثة سرقة لوحة الخشخاش من متحف محمود خليل بالجيزة ردود فعل واسعة حول تكرار التجاوزات في عهد وزير الثقافة المصري فاروق حسني دون أن يتعرض لأي إجراءات سياسية أو جنائية، وحينما طالعت خبر حبس وكيل وزارة الثقافة وبعض الموظفين وحراس الأمن قلت اشمعني الوزير!! رغم أن محسن شعلان قرر في التحقيقات حسبما نُشر علي لسان محاميه الصديق العزيز سمير صبري «في خلال فترة ترشيح وزير الثقافة لليونسكو قام بالزيارة لمتحف محمد محمود خليل برفقة بعض الأجانب وأمر بفتح أبواب المتحف ليلا بالمخالفة للقانون ولأعراف المتاحف العالمية ذلك أنه من المستقر عليه أنه لا يجوز فتح المتحف إلا في أوقات العمل الرسمية، ومع ذلك فقد فتح المتحف وأثناء الزيارة علق الوزير علي سوء حالة الستائر القماش الموجودة بالمتحف فأخبره محسن شعلان بأن الستائر أمرها هين لكن الكارثة في العطل التام لجميع أجهرة الإنذار وكاميرات المراقبة وألح علي الوزير باتخاذ اللازم للعمل علي تحديث كاميرات المراقبة وصفارات الإنذار إلا أن الوزير ركز اهتمامه كالعادة علي تغيير الستائر ولم يقدم أو يؤخر شيئًا بالنسبة لكاميرات المراقبة وصفارات الإنذار»، وأكد محامي شعلان «ليس من صلاحيات محسن شعلان إغلاق المتحف لسوء حالته، لكنه من صلاحيات وزير الثقافة، حيث إن هذا المتحف مدرج ضمن المتاحف العالمية ولا يجوز غلقه إلا بقرار من الوزير المختص» هذا كلام في غاية الخطورة يحتاج الأمر معه لسماع أقوال الوزير ودفاعه .ومن قبل احترق قصر ثقافة بني سويف ومات من مات نتيجة إهمال شديد وعدم توفر وسائل النجاة والحماية وأنابيب الإطفاء عوقب مسئولون كبار ثم برئوا في وقت لاحق لكن بقي وزير الثقافة بعيدا عن المساءلة، استدرج غُلام وزير الثقافة إلي اكتشاف أثري كبير في أسوان علي ما أذكر وتبين أن الأمر دُعابة سخيفة لم تُفك طلاسمها إلي الآن ؟! إن سرقة هذه اللوحة خطأ ينبغي أن تتحمل مسئوليته الحكومة المصرية كاملة وليس وزير الثقافة فحسب، هكذا تفعل الدول المتقدمة في العالم، كيف يسرق لص لوحة بهذه القيمة من متحف رسمي مشمول بالحماية الأمنية والاهتمام الثقافي ويخرج بها في سهولة ويسر؟ وبعد هذه الفضيحة نقتصر علي حبس وكيل الوزارة ؟ إذا استحال اتخاذ إجراءات جنائية في حق الوزير نظرا للقصور التشريعي في هذا الشأن في التشريع المصري ومازلنا ننتظر قانون محاكمة الوزراء، فلا أقل من توفر المسئولية السياسية بإقالة الوزير بل واستقالة الحكومة كلها هذا الحادث يفتح الباب أيضا للنقاش حول مسئولية الوزراء وضرورة محاسبتهم ، فمن الغريب جدا أن تحدث كوارث في قطاع النقل والمواصلات فتتكرر حوادث اصطدام القطارات وتطول الإجراءات العقابية صغار المسئولين وبقي الوزير وغرقت العبارة السلام 98 وبقي الوزير، وسينجو كل وزير طالما بقي قانون محاكمة الوزراء في أدراج مجلس الشعب بعيدا عن المناقشة والإدراج رغم أنهم يناقشون في كل دورة قوانين أقل أهمية من هذا القانون.والذي لا شك فيه أن تأخر صدور هذا القانون ساعد علي تفشي الفساد بالوزارات المصرية وعمق لدي الوزراء الاستهانة بالإجراءات القانونية واعتبارات الشفافية والنزاهة، والمغضوب عليه فقط أو الذي يخرج عن السياق العام هو الذي تفتح ملفاته بعد تركه الوزارة !! فلم يزل الوزير محمد إبراهيم سليمان يتعرض لاستجوابات منذ خرج من وزارته في مكتب النائب العام، ويبقي الدكتور محيي الدين الغريب، وزير المالية الأسبق، وتوفيق عبده إسماعيل، وزير السياحة، والدكتور عبدالحميد حسن، وزير الشباب والمستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق من أشهر الوزراء الذين تعرضوا لمحاكمات قاسية بعد خروجهم من الوزارة ولولا شبهة صراع الديناصورات أو تخليص الحسابات لما أمكن تعرضهم للمحاكمة لأن بعضهم حصل علي البراءة بعد ماراثوان طويل في القضاء ، ويبقي الظن «أن الحكومة تتعمد تأخير إصدار قانون محاكمة الوزراء، لكي تتمكن من حماية وزرائها من المساءلة القانونية» كامنا في صدور المصريين يتحول لدرجة اليقين ونحن نشاهد وقائع فساد وتخريب وسرقة كل يوم دون أن يستطيع أحد أو سلطة التعرض للوزير المسئول قانونا، هكذا في كل الدنيا الوزير هو المسئول قانونا وهو الرئيس الإداري الأعلي.

وظهر المخبوء في مارس الماضي وبدا واضحا توفر هذه الحماية الرسمية الحكومية للوزراء عندما رفضت اقتراحات قدمها ثلاثة نواب مستقلين لإصدار القانون لمحاكمة الوزراء، وبعد إحالة القانون لوزارة العدل للنظر فيه وبحثه وبقي هناك «ثلاث سنوات»!!! خرج أحد مساعدي وزير العدل ليقول لا فض فوه ولا تهشمت أسنانه «لا بد لموافقة الحكومة علي تمرير المشروع أن يوافق عليه أو يطلب عرضه عدد معين من النواب» أظن كده بانت لبتها كما يقولون، والحزب الوطني الحاكم لا يري ضرورة في مناقشة المشروع ووضعه في اللجان المختصة داخل البرلمان. مالذي يمنع من محاكمة الوزراء إذا ارتكبوا جرائم جنائية تقع تحت طائلة قانون العقوبات أو مخالفات جسيمة؟ هل هم ناس فوق البشر ؟ هل علي رؤوسهم ريشة مثلا؟

يامن تتحدثون عن الإصلاح السياسي، والفكر الجديد امنحونا فرصة واحدة لنصدقكم، إن الحاجة باتت ملحة لإصدار تعديل لقانون محاكمة الوزراء المعطل منذ انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا ليواكب جرائم العصر دون تستر أو محاباة لوزراء لمجرد أنهم أعضاء في الحزب الحاكم أو أعضاء في الحكومة، لا تصدعوا رؤوسنا بكلام فاضي تافه عن الإصلاحات السياسية والفكر الجديد، ارحمونا ربنا يرحمكم.